وقفة قبل أن تودع رمضان
الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله
ما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل
انقضى شهر عظيم ، هنيئا لمن فاز فيه ، ويا حسرة على من خاب وخسر فضل هذا الشهر العظيم
هنيئا لقوم أحبوا الله ربهم واجتمعوا على طاعته فحافظوا على الصلوات الخمس فى جماعة .
هنيئا لمن صلى وصام ... وهنيئا لمن قام ليالى رمضان ... هنيئا لمن جعل القرآن أنيسا ورفيقا فى هذا الشهر الكريم
انتهى رمضان فهل انتهت تلك الطاعات
الصيام :
إذا كان صوم رمضان فريضة فهناك صيام ستة أيام من شوال
وهناك صيام عشر ذى الحجة وعاشوراء ويوم عرفة
وصيام ثلاثة أيام من كل شهر
وصيام الاثنين والخميس
عبادة الصوم لا تنقطع بانقطاع رمضان
الصلاة :
من أعظم الثوابت بعد رمضان : أن تحافظ على الصلاة في جماعة كما كنت حريصاً أيها الصائم في رمضان، قال ربنا جل جلاله: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]، وفي الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط!). وفي الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلاً في الجنة كلما غدا أو راح). وفي الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أرأيتم لو أن نهراً على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، أيبقى من درنه شيء؟ -أي هل سيبقى على جسده شيء من النجاسة أو القذر- قالوا: لا يا رسول الله! قال: فذلكم مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا)."مَن أقامها كانت كفّارة له ونجاة يوم القيامة"شرعها الله لكم وأكملها بالرواتب التابعة لها «وهي اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر بسلامين وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر مَن صلى هذه الاثنتي عشرة بنى الله له بيتًا في الجنة
وكما كنت تحافظ على صلاة الجماعة فى المسجد فى رمضان فإن صلاة الجماعة واجبة فى رمضان وغير رمضان .
صلاة الجماعة فى رمضان وفى غير رمضان
قــــــيام الليل والوتر
قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة لكم إلى ربكم، ومكفر للسيئات، ومنهاة عن الإثم).
من الثوابت الإيمانية التي يزيد إيمانك بها في قلبك: قيام الليل، فيا من عودت نفسك على قيام الليل في رمضان في صلاة التراويح لا تتخل عن هذا الزاد، فوالله يوم أن خرجت الأمة من مدرسة قيام الليل هانت وقست القلوب، وجمدت العيون
ولئن انقضى قيام رمضان فإن القيام لا يزال مشروعًا كل ليلة من ليالي السنة حثّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ورغّب فيه وقال: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل» وصَحّ عنه صلى الله عليه وسلم أن الله - عزَّ وجل - ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: "مَن يدعوني فأستجيب له، مَن يسألني فأعطيه، مَن يستغفرني فأغفر له "
الوتر سنّة مؤكدة سنَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله وقال: مَن خاف أن لا يقوم من آخر الليل فلْيوتر أوله ومَن طمع أن يقوم من آخر الليل فلْيوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل
صلاة الجماعة لا تنقطع بانقطاع رمضان
قراءة القرآن :
قراءة القرآن من الثوابت الإيمانية التي لا يستغني عنها مؤمن بعد رمضان، وقد رأينا الصائمين -ولله الحمد- في أشد الحرص على قراءة القرآن في رمضان، فمنهم من قرأ القرآن كله مرة؛ بل ومنهم من قرأ القرآن كله مرتين، بل ومنهم من قرأ القرآن كله ثلاث مرات، ومنهم من زاد على ذلك، فلا تتخل عن القرآن بعد رمضان، ولا تضع المصحف في عزلته مرة أخرى، وتضعه على رفٍ من أرفف المكتبة في بيتك في رمضان، فإن المسلم لا غنى له أبداً عن كتاب الله جل وعلا. فلا بد أن تمتع بصرك، وأن تسعد قلبك وبصيرتك بالنظر يومياً في كتاب ربك تبارك وتعالى،
قال الله عز وجل: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]
قال صلى الله عليه وسلم
(اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه).
"وقال الرسول يا رب إن قوم اتخذوا هذا القرآن مهجورا "
فلماذا تهجر القرآن بعد رمضان ؟!
لماذا لا يكون لك دقائق معدودة من يومك للقرآن الكريم ؟!
قراءة القرآن لا تنقطع بانقطاع رمضان
غض البصر :
" قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ......."
لقد كنت قادرا على غض البصر فى رمضان . أو ليس الله رب رمضان ورب سائر الشهور
أليس النظر المحرم فى رمضان محرم فى بقية الشهور ؟!
غض البصر فى رمضان وفى غير رمضان
الغيبة والنميمة : كنت تحفظ لسانك عن أعراض المسلمين وعن الغيبة والنميمة . فاحفظ لسانك عن ايذاء الناس وذكرهم بما يكرهون
تجديد التوبة والاستمرار عليها ومن الثوابت الإيمانية بعد رمضان: أن تكون دائم التوبة للرحيم الرحمن: من منا يستغني عن التوبة بعد رمضان؟! من منا يستغني عن الأوبة إلى الله مع كل نفس من أنفاس حياته؟ قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ [النور:31] لم يقل: أيها العاصون، ولم يقل: أيها المذنبون، بل قال: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [التحريم:8]. وفي صحيح مسلم من حديث ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة)، هذا الحبيب المصطفى الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله ويتوب إليه مائة مرة.. وأظن أننا نحتاج إلى أن نستغفر الله ونتوب إليه في اليوم ألف مرة، نحن نحتاج إلى التوبة مع كل نفس من أنفاس حياتنا، فجدد التوبة والأوبة.
ذكر الله ومن الثوابت الإيمانية التي لا غنى للمسلم عنها بعد رمضان: أن يكون دائم الذكر للرحيم الرحمن، قال الله تبارك وتعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152]، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث لأب موسى الأشعرى: (مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت). فالذاكر لله حي ولو حبست منه الأعضاء، والغافل عن ذكر الله ميت وإن تحرك بين الأحياء. أخي الحبيب! لا تغفل عن ذكر رب الأرض والسماء، وحافظ على ذكر الله، ففي الحديث الطويل الذي رواه أحمد من حديث الصحيح الحارث الأشعرى، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال (مثل الذي يذكر ربه كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً فأتى على حصن حصين فاحتمى به من عدوه، فذلك مثل الذاكر لله، يحتمي بالذكر من الشيطان)، فلا تتخل عن الذكر بعد رمضان
الإنفاق فى سبيل الله ومن الثوابت الإيمانية بعد رمضان أيضاً: الإنفاق، فأنت ترى الناس تقبل على الإنفاق والجود والبر في رمضان بيسر وأريحية، فلا تتخل عن الإنفاق بعد رمضان ولو بالقليل، قال ربنا جل جلاله: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:268]، وقال تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]. وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم : (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر العبد أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم -أي: في الدنيا- وينظر العبد أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم -أي: في الدنيا- وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة). وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة : (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً). فمن الثوابت الإيمانية التي لا غنى للمسلم عنها بعد رمضان أن يظل دائم البذل والإنفاق والعطاء، كل على قدر استطاعته قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] وقال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7].
أيها المسلمون، هذه طرق الخير وهي كثيرة فأين السالكون ؟ وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون ؟ وإن الحق لواضح لا يزيغ عنه إلا الهالكون، فخذوا - عباد الله - من كل طاعة بنصيب فقد قال الله عزَّ وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، واعلموا أنكم مفتقرون لعبادة الله في كل وقت وحين، ليست العبادة في رمضان فقط؛ لأنكم تعبدون الله وهو حي لا يموت، وليست العبادة في وقت محدد من أعماركم؛ لأنكم في حاجة إلى العبادة على الدوام وسيأتي اليوم الذي يتمنى الواحد زيادة ركعة أو تسبيحة في حسناته ويتمنى نقص سيئة أو خطيئة في سيئاته، اذكروا قول الله عزَّ وجل: "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" تقبل الله منا ومنكم ونفعنا بما علمنا